بصوته الآسر وأدائه الذي لا يخون الدقة، أطل الفنان التونسي صابر الرباعي مساء الجمعة على جمهور الرباط، ليمنحهم أمسية من الطرب الأصيل على خشبة المسرح الوطني محمد الخامس، ضمن فعاليات الدورة العشرين لمهرجان "موازين – إيقاعات العالم".
منذ اللحظات الأولى، بدا واضحاً أن الرباعي لا يقدم مجرد حفل غنائي، بل يحيك لحظة فنية باذخة، تبدأ من عزف افتتاحي أنيق لفرقته الموسيقية، وتمتد إلى أداء مشحون بالحنين والرقي.
"الباشا" كانت بوابة الدخول إلى أمسية حملت توقيع صابر الخاص، لتتوالى بعدها الأغنيات التي يحفظها الجمهور عن ظهر قلب: "ببساطة"، "عاشق مغروم"، "عز الحبايب"، "خلص تارك"... صوت واحد بين الفنان والجمهور، تماهى فيه العشق بالنغمة.
في لحظة وفاء مؤثرة، اختار صابر الرباعي أن يتوقف عند محطات من الذاكرة المغربية، فقدم باحترام وعذوبة "مرسول الحب" لعبد الوهاب الدكالي، و"علاش يا غزالي" للراحل المعطي بنقاسم، في تحية فنية صادقة لرواد الأغنية المغربية.
الفرقة الموسيقية، بقيادة المايسترو قيس المليتي، كانت شريكة كاملة في بناء الحالة، حيث مزجت بين الكلاسيكي والعصري بسلاسة نادرة، لترسم لوحة صوتية مترفة عززت من ألق الأداء.
واختُتمت السهرة بأغنية "برشا برشا"، التي جاءت كخاتمة منسوجة بالفرح، طُويت بها أمسية تقف بين الغناء والحكاية، حيث بدا صابر الرباعي كما لو كان راويًا موسيقيًا يمشي بين المقامات، ويستحضر الحب بصيغته النقية.
أما الجمهور، فكان شريكًا حاضرًا في كل نغمة، بالغناء والتصفيق والتفاعل، في مشهد جماعي احتفى بالطرب كما يجب أن يكون: راقٍ، عميق، وصادق.
تجدر الإشارة إلى أن مهرجان "موازين – إيقاعات العالم" يتواصل إلى غاية 28 يونيو، برعاية الملك محمد السادس، حاملاً معه عروضًا من أبرز نجوم الموسيقى العربية والعالمية، ومحولًا الرباط وسلا إلى مسرح مفتوح للثقافات.
